** النافلة والواردة والقرقيعان وبوطبيلة والغبقة من تقاليد الزمن الجميل
** أهل الكويت كانوا يتباهون بعدد ختمات القرآن الكريم التى يتمونها خلال الشهر الفضيل
**مساجد الكويت قبلة المواطنين والمقيمين لتلاوة القرآن وصلاتي التراويح والقيام
** مساجد الكويت تشهد تظاهرة إيمانية تتجلى فيها صلاة القيام بعد منتصف الليل وحتى قرب صلاة الفجر
**وزارة الأوقاف ترعى المساجد وروادها وتستضيف الأئمة والدعاة وتنظم الصلوات
**الكويت تشهد نشاطا خيريا مكثفا..والمحسنون يقبلون على فعل الخيرات وإخراج الزكوات والصدقات
تعتبر أجواء شهر رمضان المبارك في الكويت ذات خصوصية فريدة، حيث تستقبل المساجد روادها أناء الليل وأطراف النهار لتلاوة القرآن الكريم وحضور دروس العلم ومقارئ القرآن وتناول ولائم الإفطار وأداء صلاتي التراويح والقيام في مشهد إيماني رائع ترعاه الدولة ممثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وتفتح اللجان والجمعيات الخيرية أبوابها لاستقبال التبرعات لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين في داخل البلاد وخارجها، ويقبل المحسنون على فعل الخيرات وإخراج الزكوات والصدقات.
تقاليد الزمن الجميل
وتأتي هذه الأجواء الإسلامية البديعة – كما يقول الكاتب الإسلامي يوسف عبد الرحمن- امتدادا لما جبل عليه أهل الكويت تاريخيا من حب لدينهم، وما توارثوه من عادات وتقاليد رمضانية ، مازالوا يحرصون على إحيائها كلما حل الشهر الفضيل ، فقد دأبوا في الماضي على استقبال شهر رمضان بإحياء ليله وصيام نهاره ، وفى كل يوم خميس كانوا يوزعون الطعام على الفقراء احتفاء بليلة الجمعة التي تسمى فى موروثهم الثقافي ليلة " النافلة " و يطلق الأطفال أهازيج رمضان فى أول أيامه ، وفى منتصفه يحتفون بـ " القيرقيعان " ، وطوال أيامه تبرز شخصية " بوطبيلة " الذى يطوف على البيوت ، وهو يقرع الطبل مرددا كلمات " قوم ياصايم واطلب ربك الدايم "
وأضاف عبدالرحمن: كان أهل الكويت قديما يتباهون بعدد ختمات القرآن الكريم التى يتمونها خلال شهر رمضان الفضيل ، حيث كان بعضهم يختم القرآن الكريم ستا أو سبع مرات ، وبعضهم كان يتفرغ لتلاوته ، ويختمه مرة كل يومين أو ثلاثة ، وكانوا يحيون ليل رمضان بصلاتي التراويح والقيام ، وكانت الدروس الدينية تعقد فى المساجد بعد صلاة العصر ، كما كانوا يتسابقون لاطعام الفقراء فى المساجد .
وتروي كتب التاريخ – كما يوضح عبد الرحمن - أن المفطر فى رمضان كان شخصا منبوذا، وكان يشعر بالحسرة والندم حينما يصبح معزولا عن مجتمعه ، وكان جميع أفراد الأسرة يصومون بمن فيهم الأطفال فى سن السابعة والثامنة ، وكانوا يتباهون بصيامهم ، ولكى يؤكد الواحد منهم صيامه للآخر كان يخرج لسانه ، فان كان أبيضا فهذا يعنى أنه صائم وان كان أحمرا فهو مفطر .
النافلة
ومن عادات الزمن الجميل التي – يرصدها عبدالرحمن- ليلة " النافلة " حيث كان المجتمع الكويتي برجاله ونسائه وأطفاله يعيشون حالة من الفرح والبهجة لقدوم هذا الشهر الفضيل، فالجميع يصوم النهار ويقوم الليل طاعة وعبادة ، وفى يوم الخميس من كل أسبوع توزع الأطعمة و الحلويات والأشربة على الفقراء والمساكين ، وكانوا يسمون ليلة الجمعة بليلة " النافلة " حيث يتنافسون على تلاوة القرآن ويتباهون بعدد الختمات خلال الشهر.
وأضاف الكاتب الإسلامي : مع حلول رمضان كانت تتجلى فرحة الأطفال وابتهاجهم حيث يطلقون الأهازيج الشعبية ويحتفلون بالقيرقيعان ، وعند غروب الشمس يجتمعون بالقرب من مدفع الافطار فيما يعرف فى التراث الكويتى ب " الواردة " وما يكاد ينطلق المدفع حتى يأخذون فى التهليل ، وكانت الدولة فى السابق تعطل مشاريعها واجتماعاتها الى ما بعد رمضان ، وكذلك الراغبون فى الزواج كانوا يؤجلونه الى ما بعد رمضان .
الغبقة
وأشار إلى أن " الغبقة " عادة عريقة وتقليد قديم لدى الأسرة الكويتية ، وهى تقام بعد صلاة التراويح للزوار الذين يذهبون للمباركة بمناسبة الشهر الفضيل ، وأكلاتها تتضمن أنواع متعددة من الفطائر والكبة والسلطات و الحلويات ومنها القيمات والمحلبية و التمور ، وكذلك مشاريبها تتنوع بين القهوة العربية وقمر الدين والشاى ، وبمرور الوقت أصبحت الغبقة من تقاليد المطاعم والفنادق وتحفل بالأكلات الشعبية والغربية والحلويات المحلية والشرقية والغربية .
وتابع يوسف عبدالرحمن: فى آخر يوم فى شهر شعبان كان أهل الكويت يحتفلون - ومازلوا- بيوم " القريش " حيث يقيمون وليمة عامرة يجتمع لها أفراد العائلة ، وتزخر بما لذ وطاب من الأصناف الغذائية والمأكولات لوداع أيام الفطر، واستعدادا لبدء شهر رمضان، مشيرا إلى ان " القيرقيعان " من أشهر العادات الرمضانية التى يحتفل بها الكويتيون فى الرابع عشر والخامس عشر من الشهر المبارك حيث يتجمع الأطفال مرتدين زيا خاصا ، عقب الافطار على شكل مجموعات لكل منها قائد ، ويطوفون على البيوت وهم يدقون الطبول منشدين الأهازيج للحصول على " القيرقيعان " وهو خليط من الحلوى والمكسرات المتنوعة ، وقد تحولت هذه االعادة الى مناسبة تنفق لأجلها آلاف الدنانير.
ولفت الى أن الكويتيين التهانى و التبريكات بمناسبة قدوم رمضان فى " الغبقات " التى يقيمونها بعد صلاة التراويح ، حيث تتزاور النساء فى البيوت ، ويتزاور الرجال فى الدواوين ، وتتردد خلال هذه الأجواء عبارات " مبارك عليكم الشهر " و " عساكم من عواده " ، مشيرا إلى ان الكويتيين اعتادوا اقامة بعض الليالى الرمضانية فى " البر" حيث يقيمون الخيام فى الصحراء خاصة اذا تزامن رمضان مع أيام الشتاء ، وقد بدأوا خلال السنوات الأخيرة إقامة الشعائر الإسلامية من عبادات وقراءة قرآن ، وحفلات السمر والألعاب الجماعية .
العشر الأواخر
وحول أجواء العشر الأواخر من رمضان قال الكاتب الإسلامي يوسف عبدالرحمن إن مساجد الكويت تشهد تظاهرة إيمانية طوال الشهر الفضيل، وتتزايد تجلياتها في العشر الأواخر، حيث تبدأ صلاة القيام بعد منتصف الليل وحتى قرب صلاة الفجر ، ويشهدها الرجال والنساء على السواء ، ويؤم عشرات الآلاف من المصلين مسجد الدولة الكبير لأداء صلاة القيام - أكبر مساجد الكويت – حيث يستضيف المسجد مشاهير القراء والشيوخ والعلماء ، للصلاة بالمسلمين وإلقاء المحاضرات والدروس، وتحظى الليالي الوترية بمكانة خاصة لدى المصلين تلمسا لليلة القدر؛ حيث ينتظرها الآلاف منهم كل عام ليتجمعوا في المساجد، داعين الله أن يفرج الكروب ويدفع الشرور عن بلادهم.
وأوضح ان من أبرز المساجد التي يؤمها المصلون "المسجد الكبير" أو ما يعرف بمسجد الدولة، الذي يتوافد عليه ليلاً عشرات الآلاف من المصلين من رجالا ونساء، ، كما تشهد مساجد الكويت حضورًا مكثفًا للمصلين الذين يرتادون المساجد لأداء صلاة التهجد، والتي تبدأ في الغالب الساعة الثانية بعد منتصف الليل وحتى قرابة صلاة الفجر، وتشرف عليها وزارة الأوقاف، وهي عبارة عن ثماني ركعات يتخللها كلمة إيمانية.
وأضاف عبدالرحمن أن مساجد الكويت تحرص على إحياء ليلة السابع والعشرين بوصفها ليلة وترية، وتقام الصلاة – في المسجد الكبير- وسط استعدادات مكثفة من مختلف لجان المسجد ومتطوعيه، ويصلي بالمسلمين كوكبة من الأئمة والمقرئين المشهورين، ومن أبرزهم مشاري العفاسي، وخالد السعيد وفهد الكندري وغيرهم.
وأشاد الكاتب الإسلامي يوسف عبدالرحمن بجهود وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي تأخذ على عاتقها خدمة ضيوف بيوت الله؛ ، كما تسهم المؤسسات الحكومية والأهلية في دعم هذه الجهود، مشيرا إلى أن المسجد الكبير يستقطب منذ أن فتح أبوابه لصلاة القيام في رمضان من عام 1979 عشرات الآلاف من المصلين سنويًا لإحياء ليالي رمضان، ويسع المسجد أكثر من 75 ألف مصل ومصلية في مساحة كلية تبلغ 45 ألف متر مربع، ويعتبر المسجد من أكبر المساجد في منطقة الخليج العربي بعد الحرمين الشريفين، ويعد معلمًا بارزًا من معالم الكويت، ويقع على شارع الخليج العربي.
وأضاف إن المسجد الكبير يحظى بأهمية كبيرة كمركز متطور للفتوى الهاتفية؛ إذ خصص جناحًا مستقلاً يضم عددًا من العلماء الأكفاء، وجهز بأرقام خاصة يتصل بواسطتها المستفتون، كما تستضيف معظم مساجد الكويت العديد من الأئمة والدعاة من خارج الكويت لاحياء ليالي هذا الشهر المبارك صلاة ودعوة.
نشاط خيري
وحول النشاط الخيري في الكويت خلال الشهر الفضيل قال الكاتب الإسلامي يوسف عبدالرحمن إن الكويت معروفة بأنها بلد الخير والعطاء طوال العام، لكنها في رمضان تشهد نشاطا خيريا مكثفا حيث تقوم اللجان والجمعيات الخيرية بجمع التبرعات وعرض مشاريعها الخيرية على المحسنين، او الإعلان عنها في وسائل الإعلام ، لتسويقها على المحسنين، ودعوتهم إلى تقديم العون والمساعدة للفقراء واليتامى والأرامل فى مختلف أنحاء العالم الإسلامي، ومن المشاريع التى تطرحها الجمعيات الخيرية افطار الصائم وزكاة الفطر و كسوة العيد والعيدية وغيرها .
وأضاف عبد الرحمن : وقبيل يوم عيد الفطر المبارك يخرج الكويتيون زكاة فطرهم للفقراء ، وتبدو الفرحة بإتمام الصوم وقدوم العيد تملأ البيوت والشوارع ، وتعلو وجوه الأطفال، وهم يلبسون ثيابهم الجديدة .
والله نسأل أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يجعل الكويت دار أمن وسخاء ورخاء وسائر بلاد المسلمين.